يبلغ عدد سكان القطر العربي السوري، حوالي 18,1 مليون نسمة، وتبلغ نسبة التعليم فيه 65% للإناث، و78% للذكور. واللغة الرسمية الوطنية هي العربية. وبجانب اللغة العربية، توجد بعض اللغات الأخرى، التي تتعامل بها بعض الجماعات والأقليات التي تعيش في بعض مناطق سوريا. وفي هذا الشأن، تم إجراء العديد من الدراسات والبحوث والمسوحات في المجال اللغوي – الاثنولوجي للقطر العربي السوري، وكانت النتيجة وجود 16 لغة في سوريا حالياً، منها 15 لغة حية قيد الاستخدام والتعامل، ولغة واحدة غير مستخدمة، وعلى وشك الانقراض النهائي.
أبرز الدراسات، التي تناولت لغات سوريا المعاصرة، قام بها بعض الباحثين والمختصين؛ الأولى في عام 1963، أجراها (تي سيبيورك)؛ والثانية في عام 1980، وأجراها كل من (دبليو فيشر) و(أوحاسترو)؛ أما الثالثة فكانت في عام 1982، وأجراها (بي إنغهام).
اللغات الحية قيد الاستخدام
أولاً: اللغة العربية: وهي الأوسع انتشاراً، ويتحدث بها جميع سكان القطر، لذلك فهي تمثل لغة التعامل اليومي السائدة. وهناك ستة أنماط للغة العربية في سوريا، هي:
1-النمط البدوي لشرق المتوسط:
-نطاق الانتشار: يبلغ عدد المتحدثين بها حوالي 70 ألف شخص، ويتمركزون في الجزء الجنوبي الغربي من سوريا، ابتداء من المناطق الحدودية، وصولاً إلى مسافة 20 ميلاً من العاصمة دمشق.
-التسميات الأخرى البديلة: البدوية.
-التصنيف اللغوي: الأفرو – آسيوية، السامية الوسطى، السامية الجنوبية، والعربية.
الذين يتحدثون هذا النمط، يمثلون خليطاً من المسلمين والمسيحيين، وذلك على أساس الاعتبارات والانتماء.
2-النمط النجدي:
-نطاق الانتشار: يبلغ عدد المتحدثين بهذا النمط حوالي 500 ألف شخص، منهم 100 ألف في الجزء الشمالي، و100 ألف في الجزء الجنوبي من القطر، وذلك حسب تقديرات عام 1995، إضافة إلى أن الباقين يتمركزون في المنطقة الصحراوية.
-التسميات الأخرى البديلة: البدوية.
-التصنيف اللغوي: الأفرو – آسيوية، السامية الوسطى، السامية الجنوبية، العربية.
يمثل هذا النمط امتداداً للهجة النجدية السائدة في إقليم الصحراء العربية، وبالذات قبائل نجد الشمالية، مثل شمر وبني خالد، وقبائل نجد الوسطى، مثل القصيمية والسريرية، إضافة إلى قبائل نجد الجنوبية. إن جميع الذين يتحدثون هذا النمط، ينتمون إلى الدين الإسلامي، وذلك لأنهم بالأساس يمثلون امتداداً بشرياً لقبائل الجزيرة العربية.
3-نمط ما بين النهرين:
-نطاق الانتشار: يبلغ عدد المتحدثين بهذا النمط في سوريا حوالي 1,8 مليون شخص، ويتمركزون في الجزء الشرقي من سوريا.
-التسميات الأخرى البديلة: كلتية ما بين النهرين، عربية ما بين النهرين اللينة، عربية بغداد، عربية العراق، الفراتية، السورية الشمالية.
-اللهجات الفرعية: الأناضولية، الفراتية، الدجلاوية.
-التصنيفات: الأفرو- آسيوية، السامية الوسطى، السامية الجنوبية، العربية.
لا يوجد انتماء ديني محدد لمن يتحدثون هذا النمط، فهو يضم المسلمين بمختلف طوائفهم في منطقة ما بين النهرين، ويضم المسيحيين أيضاً، إضافة إلى الأيزيديين والصابئة.
4-نمط شرق المتوسط:
-نطاق الانتشار: يبلغ عدد المتحدثين بهذا النمط حوالي 8,8 مليون شخص في سوريا، وذلك حسب تقديرات عام 1991، منهم 6 مليون في منطقة سوريا الوسطى ولبنان، ومليون واحد في شمال سوريا. وكذلك ينتشر استخدام هذا النمط في بلدان المهجر من قبل المغتربين السوريين. وقد لوحظ استخدام هذا النمط من قبل المهاجرين في كل من: أنتيجوا، باربادوس، الأرجنتين، بلايزا، قبرص، الدومينيكان، غويانا الفرنسية، جامايكا، مالي، بوتوريكو، سورينام، توباغو، وتركيا.
-التسميات الأخرى البديلة: عربية شرق المتوسط، عربية شمال شرق المتوسط، عربية سوريا ولبنان.
-اللهجات: المعيار القياسي لهذا النمط اللغوي، يقوم بالأساس على أسلوب الحديث الدمشقي، وهناك بعض التأثيرات للأسلوب البيروتي، والذي هو بالأساس فرع ثانوي للأسلوب الدمشقي. أما الأسلوب الحلبي، فيعتمد أيضاً على الأسلوب الدمشقي، ولكن مع تحويرات وإضافات، تنتمي إلى نمط ما بين النهرين، المنتشر في الشمال السوري.
-التصنيفات: الأفرو - آسيوية، السامية الوسطى، السامية الجنوبية، والعربية.
5-نمط ما بين النهرين الشمالي:
-نطاق الانتشار: يتحدث بهذا النمط حوالي 300 ألف شخص في سوريا، وذلك حسب تقديرات عام 1991، ويتمركزون بشكل أساس في أقصى شرق سوريا.
-التسميات الأخرى البديلة: محلية سورية، ما بين النهرين، الهوصلاوية، كلتية ما بين النهرين.
-التصنيفات: الأفرو- آسيوية، السامية الوسطى، السامية الجنوبية، والعربية.
يتحدث بها الجميع من مختلف الأديان في مناطق انتشارها.
6-النمط القياسي المعياري:
يتمثل هذا النمط في اللغة العربية الفصحى، في كل مستوياتها الكلاسيكية القديمة، والوسيطة والحديثة.
-نطاق الانتشار: تستخدم بشكل عام في جميع أجزاء القطر العربي السوري، وذلك في كل المؤسسات التعليمية والحكومية، ويتعامل بها جميع السكان.
-اللهجات: حتى الآن توجد لهجتان لهذا النمط؛ الأولى هي اللهجة الكلاسيكية القديمة، الموجودة في الشعر الجاهلي القديم، والنصوص التاريخية الدينية، العربية القديمة، إضافة إلى النصوص التراثية. أما اللغة العربية الحديثة، فتوجد بشكل أساس في الاستخدامات الأدبية الحديثة والمعاصرة بمختلف أنواعها. ورغم هذا الاختلاف، فإن القواعد النحوية تمثل قاسماً مشتركاً، يتم الحفاظ عليه في اللهجتين معاً.
ثانياً: اللغات غير العربية
تتمثل في مجموعة اللغات التي تتحدث بها بعض الأقليات الموجودة في سوريا، وهي لغات يرتبط بعضها بأقليات وجماعات سكانية موغلة في القدم، وما زالت موجودة في المنطقة السورية، وبالتالي فهي تمثل الامتداد الاجتماعي الثقافي اللغوي والاثني للواقع الاجتماعي الذي كان سائداً منذ آلاف السنين. أما البعض الآخر من هذه اللغات غير العربية، فيرتبط بالجماعات التي هاجرت من مواطنها الأصلية، واختارت الإقامة في الأراضي السورية، حيث اندمجت ضمن القوام الاجتماعي السوري.
1-اللغة الأديجية:
-نطاق الانتشار: يتحدث بها حوالي 25 ألف شخص في سوريا، جميعهم ينتمون إلى الاثنية الشركسية، ويتمركزون في الأحياء والقرى التي يشكل الشركس أغلبية فيها.
-التسميات الأخرى البديلة: الشركسية الغربية، الأديجية.
-اللهجات: تتضمن الأديجية ست لهجات، هي: الشابسوق، الخاكوشي، البيتزيدوخ، الأبادزيخ، الناتوزاج، الكابارديني. ورغم تعدد هذه اللهجات، إلا أن الأديجية السورية، تشكل مزيجاً من هذه اللهجات، مع بعض التحويرات والتأثيرات العربية.
-التصنيف اللغوي: القوقازية الشمالية، القوقازية الغربية، الشركسية.
2-اللغة الأرمنية:
-نطاق الانتشار: يتحدث اللغة الأرمنية في سوريا حوالي 320 ألف شخص، وذلك حسب تقديرات عام 1993، ويتركز استخدامها في أصحاب الأصول الأرمنية، لا سيما في معاملاتهم الاجتماعية والدينية، وأغلبيتهم العظمى تنتمي إلى الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية الشرقية.
-التسميات الأخرى البديلة: الهايدينية، السومخوري، الإرمينية، الأرميانسكية.
-اللهجات: الأرمنية الغربية.
-التصنيف اللغوي: الهندو - أوروبية، الأرمنية.
3-الأذربيجانية الجنوبية:
-نطاق الانتشار: بلغ عدد المتحدثين بها حوالي مليون ونصف، وذلك حسب تقديرات عام 1961، وكانوا يتمركزون آنذاك في منطقتي حمص وحماه. وتشير التقديرات الأولية إلى أن عددهم حالياً ربما في حدود 120 و130 ألفاً، وتطلق عليهم تسمية التركمان.
-التسميات الأخرى البديلة: الأذرية، أو التركية.
-اللهجات: تتضمن الأذربيجانية الجنوبية العديد من اللهجات. والأذربيجانية الجنوبية الموجودة في سوريا، أقرب إلى لهجة الـ (عثمانلي)، التي تمثل إحدى اللهجات الفرعية التركية.
-التصنيف اللغوي: الألتيكية، التركية، الأذربيجانية الجنوبية.
4-لغة الدومري
-نطاق الانتشار: بلغ عدد المتحدثين بها في سوريا حوالي 10 آلاف شخص، وذلك حسب تقديرات عام 1961، ومن المتوقع أن يكون عددهم الآن حوالي 50 ألفاً. ويتكون القوام الاجتماعي للمتحدثين بهذه اللغة من مجموعات النور، والكوربات، والباراكي.
-التسميات الأخرى البديلة: رومانية الشرق الأوسط، التسايغينية، القبسية (أو الغجرية)، النورية، الكوربات، الباراكي.
-اللهجات: النورية، الكورباتية، البايروتية، النابلوسية، الباراكية. وجميع هذه اللهجات أصبحت تتضمن العديد من التحويرات العربية.
-التصنيف اللغوي: الهندو - أوروبية، الهندو- إيرانية، الهندو - أريانية.
5-اللغة الكردية الشمالية:
-نطاق الانتشار: بلغ عدد المتحدثين بها حوالي 938 ألف شخص، وذلك وفقاً لتقديرات عام 1993، وربما يقدر عددهم الحالي بـ 1,5 مليون شخص. وهم يتمركزون في الجزء الشمالي من سوريا، موزعين على مناطق القامشلي وكورداغ بما فيها سايايي، وكودري وعفرين، إضافة إلى عين العرب، وحلب ودمشق.
-التسميات الأخرى البديلة: الكورمانجي، الكورمانشي، الكردي.
-اللهجات: البوطية، الماراشية، الأشينية البايازيدية، الهيكارية، الشيمدينانية.
-التصنيف اللغوي: الهندو - أوروبية، الهندو - إيرانية، الإيرانية الغربية، الإيرانية الشمالية الغربية، الكردية.
6-لغة التورويو:
-نطاق الانتشار: ويبلغ عدد المتحدثين بها حوالي 7 آلاف شخص، وفقاً لتقديرات عام 1994. ويمكن أن يكون العدد قد ارتفع حالياً إلى 15 ألف شخص، وذلك ضمن مجموعة اثنية يبلغ قوامها الكلي حولي 30 ألف شخص تقريباً.
-التسميات البديلة: السوريوي، السيريويو، الطوراني، السورياني.
-اللهجات: الميديات، الميدين، الكفارزي، الإيواردو، الأنهيل، الرايتا.
-التصنيف اللغوي: الأفرو - آسيوية، السامية الوسطى، الآرامية الشرقية، الآرامية الوسطى، الآرامية الشمالية الغربية.
7-الآرامية الجديدة الآشورية:
-نطاق الانتشار: يبلغ عدد المتحدثين بها في سوريا حولي 30 ألف شخص، حسب تقديرات عام 1995، ويقدر عددهم حالياً بـ 45 ألف شخص، ويتوزعون على حوالي 30 قرية تنتشر على ضفتي نهر الخابور شمال سوريا.
-التسميات البديلة: الليشانا أتورايا، السوريت، السوريز السوريايا سوادايا، الآشورية، السيرياكية الجديدة، الأشوريسكي، الإيزوريزيكي.
-اللهجات: الأورمي، السيبورنمان، السولدرز، السلاماز، الفان، الجيلو، القافز، الكودشانيد، الباواري العليا، الديز، الباز، الماربيشو، النوخيا، الشاميزدين، الطيرقاوار، التال، اليوين، الأراضين، التينا، الداوودية، الإينيشكي، البينازا.
-التصنيف اللغوي: الأفرو- آسيوية السامية الوسطى، الآرامية الشرقية، الآرامية الوسطى، الآرامية الشمالية الشرقية.
8-الآرامية الجديدة الغربية:
-نطاق الانتشار: يبلغ عدد المتحدثين بها في سوريا حوالي 15 ألفاً، وذلك حسب تقديرات عام 1996، وحالياً يقدر العدد بـ 25 ألفاً. ويتمركز من يتحدثون هذه اللغة في مناطق: جبال القلمون التي تبعد حوالي 30 ميلاً شمالي دمشق، وقرى منطقة معلولا، وباخّا، وجب الدين. لا توجد هذه اللغة إلا في سوريا حصراً، لذلك لا يتحدث بها سوى سكان هذه المناطق.
-التسميات البديلة: المعلولية، السيريون، اللوغزا سيريانويزا، الآرامية الجديدة الغربية.
-اللهجات: المعلولي، الباخاي، الجوباديني. والفرق بين هذه اللهجات طفيف للغاية.
-التصنيف اللغوي: الأفرو - آسيوية، السامية الوسطى، الآرامية الغربية.
ثالثاً: اللغات غير الحية:
توجد في سوريا حالياً لغة واحدة غير حية، وهي من إحدى اللغات المهددة بالانقراض في العالم، ويمكن الحديث عنها على النحو الآتي:
الاسم: لغة الملاهسو:
نطاق الانتشار: توجد حصراً في منطقة القامشلي، وبالذات في قرى ملاهسو، وأنشا، وأيضاً في منطقة ديار بكر في تركيا.
-التسمية الأخرى البديلة: السوريويو.
-اللهجات: شديدة الشبه بلغة التوريويو.
-التصنيف اللغوي: الأفرو- آسيوية، السامية الوسطى، الآرامية الشرقية، الآرامية الوسطى، الآرامية الشمالية الغربية.
ملاحظة:
آخر متحدث بهذه اللغة مات في عام 1998، ولكن ابنته ما تزال تعرف لغة الملاهسو جيداً، وتعاني من صعوبة في حاسة السمع، ولا يوجد شخص آخر يمكن أن تتحدث معه بهذه اللغة، رغم أن عدد المتحدثين بالملاهسو كان لا بأس به خلال حقبة السبعينيات. وهناك توجهات من قبل منظمة اليونسكو لإنقاذ اللغات القديمة من الانقراض. فهل يا ترى يمكن إنقاذ هذه اللغة التي تمثل واحدة من مكونات الإرث الثقافي اللغوي الإنساني في سوريا، أم أنها سوف تندثر كما اندثر الكثير من كنوز سوريا الثقافية القديمة؟
ملاحظة : هذا الموضوع للعضو نجم الجزيرة بحب اتقدملو بالشكر الكبير على مساعدته